الرباعية باتت تدرك أهمية مشاركة حماس في العملية التفاوضية وروسيا والناتو لم يعودا "عدوين

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

صحيفة "روسيسكايا غازيتا" أجرت مقابلة مع وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف تحدث فيها عن حصيلة زيارته إلى نيويورك لحضور افتتاح الدورة الخامسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أجرى خلال خمسة أيام العديد من اللقاءات والمباحثات ، إلى جانب الجلسات في إطار اللجان الدولية، كـ"الرباعية" و"الخماسية" و"السداسية" .. وغيرها. وفي ما يلي نص المقابلة:

سؤال : في السنوات الأخيرة أرسل لإيران عدد غير قليل من الإشارات، منها العقوبات الاقتصادية التي فرضها مجلس الأمن، والتدابير العقابية أحادية الجانب من طرف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ومؤخرا وقع الرئيس الروسي مرسوما يحظر تزويد القوات المسلحة الإيرانية بأنواع معينة من العتاد العسكري الروسي، وضمنا منظومات "إس - 300" . فهل تعتقدون أن طهران تصغي لذلك؟

جواب : مرسوم الرئيس ليس إجراء منعزلا، بل انه وثيقة تعبر عن الممارسة الروسية. وفي كل مرة عندما يتخذ مجلس الأمن قرارا بفرض عقوبات على بلد ما، سواء كان إيران أو كوريا الديمقراطية أو ليبيريا أو غيرها من البلدان ، يكون لزاما علينا ترجمة هذه القرارات إلى لغة تشريعاتنا بغية ضمان سريان مفعول هذه الإجراءات. ويتم ذلك بواسطة المراسيم الرئاسية. وعما إذا كانت إيران قد سمعت- أم لم تسمع - رأي الأسرة الدولية، فأعتقد بكل تأكيد أنها سمعته. وأخذاً بعين الاعتبار بعض التحركات الأخيرة من طرف شركائنا الإيرانيين نرى أن ثمة أسسا للافتراض بأنهم يريدون الذهاب إلى المفاوضات. ونحن جاهزون لذلك منذ مدة طويلة، وقد أكدنا بوضوح هذا الموقف أثناء اجتماع وزراء خارجية مجموعة "5+1" في نيويورك. إن الممثل السامي للاتحاد الأوروبي مستعد، مع المدراء السياسيين في وزارات خارجية البلدان الستة المشاركة في هذه المجموعة، للاجتماع في أقرب الآجال بممثلي إيران للاتفاق على كيفية العمل لاحقا انطلاقا من ضرورة حل هذه المشكلة.

سؤال : من بين جميع اللقاءات التي أجريتموها على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحددة، لعل اجتماع الرباعية الدولية الخاصة بالشرق الاوسط كان الأكثر غموضا. فبعد إلغاء المؤتمر الصحفي سارع الصحفيون للافتراض أن المشاركين في الاجتماع افترقوا نهائيا، على الأرجح، في وجهات نظرهم. فما الذي جرى فعلا في اجتماع الرباعية؟

جواب : لم تشهد الرباعية اي خلاف. وعلى العكس من ذلك، فقد أقرت بيانا هاما جدا يعكس الخط الذي أخذت تنتهجه منذ اجتماع موسكو لوزراء الخارجية في آذار / مارس من هذا العام.

لم يكن لدينا أي تباين في الآراء. أما مبادرة إلغاء المؤتمر الصحفي فكانت من طرف الأمين العام، وتم تفسيرها على أنها جاءت لاعتبارات لوجستية. وبالفعل يعاني المبنى الجديد المؤقت للأمم المتحدة من مشكلات في التيار الكهربائي، فالمصاعد لم تعمل، فاضطررنا للصعود عشر طبقات على الدرج للوصول إلى مكان عقد هذا اللقاء. أما المشكلة اللوجستية الثانية فهي الجدول الزمني المكثف لدى الجميع. فالكل كانوا على عجلة من أمرهم لحضور الفعاليات التالية التي لا يجوز تفويتها. كما أن اللقاء نفسه تأخر عن الموعد المحدد له، وذلك بسبب المشكلات التي ذكرتها أعلاه والمتعلقة بمواعيد الوزراء والمشكلات اللوجستية الناجمة عن صيانة مقر الأمم المتحدة. وبالرغم من ذلك فقد تنفس العديد من شركائنا الصعداء بعد ظهور هذه المشكلات اللوجستية، لكن ذلك لم يكن بسبب افتقادنا لما نعلنه أمام الصحفيين، إذا كان لدينا ما نريد قوله. وكل ذلك مذكور في بيان "الرباعية". لكن من المعروف عن الصحفيين سعيهم للحصول على أدق التفاصيل، وبالتأكيد كانوا سيسألون عما سيحدث في السادس والعشرين من سبتمبر/ أيلول عندما تنتهي مدة التجميد الإسرائيلي للاستيطان؟ وما هي الخطوات التي سنتخذها في حال إنهاء التجميد، أو في حال تمديده؟ أنا لم يكن بودي ، وليس بودي الآن ، التهرب من الإجابة على هذه الأسئلة. لكن حينذاك - قبل السادس والعشرين من سبتمبر/ أيلول - لم نكن نعلم بالتحديد الموقف الذي ستتخذه إسرائيل، ولم يكن بوسعنا طرح شيء سوى التكهنات حول هذا الموضوع. وهذا الأمر كان ينطوي على مجازفة كبيرة قد تضر بالقضية، فأي تنبؤات يعلنها الوزراء على الملأ يمكن أن تستغل من طرف مؤيدي أو معارضي هذا الخط أو ذاك. أما الأهم فهو أن الوضع بعد السادس والعشرين من سبتمبر/ أيلول سيعتمد كليا على موقف محمود عباس، فالأمر يتعلق ببلده وشعبه ودولته المستقبلية، وعلى عاتقه تقع المسؤولية الأساسية عن المنحى الذي ستجري وفقه الأمور لاحقا. تحدثنا ضمن إطار الجمعية العامة مع ممثلي العديد من الدول العربية ومع الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وجميعهم يميلون إلى رؤيتنا للوضع. سيتوجب علينا تأييد القرار الذي سيتخذه محمود عباس، لكن بالطبع يتوجب على بنيامين نتانياهو أيضا أن يعي مسؤوليته عن مصير التسوية في هذه المنطقة الأكثر أهمية في العالم.
سؤال: من الواضح أن عملية المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ستصل إلى مرحلة يتوجب فيها إشراك ممثلي حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة. هل يدرك بقية أعضاء "الرباعية" هذا الأمر؟

جواب: ثمة إدراك لهذا الأمر. علاوة على ذلك فإن أعضاء "الرباعية" يأخذون الوقائع بالحسبان. وفي السنوات الثلاث الأخيرة صححوا مواقفهم بشكل واضح في ما يتعلق بسبل إستعادة الوحدة الفلسطينية. سابقا كان ثمة من يدعو "حماس" لتلبية كافة مطالب المجتمع الدولي دفعة واحدة (وهذا أمر بعيد عن الواقع). أما بعد جلسة "الرباعية" في مارس/ آذار في موسكو فقد أخذنا ندعو لإستعادة الوحدة الفلسطينية على أساس برنامج منظمة التحرير الفلسطينية. إن تطبيق هذا الأمر أسهل بكثير، إذا أخذنا بالاعتبار أن الحديث لا يدور عن مطالب صادرة من خارج العالم العربي. هذه دعوة للانضمام إلى ما يوحد الغالبية الساحقة من المجموعات الفلسطينية. ويتأتى عن برنامج منظمة التحرير الفلسطينية الاعتراف بحق إسرائيل بالوجود، وكذلك ضرورة إجراء المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي حول إقامة الدولة الفلسطينية، وضرورة احترام الاتفاقات التي تم التوصل إليها. ولذا فإن لهذا النهج آفاقا أوسع مما لغيره ، خاصة وأن الاتصالات بين حركتي "حماس" و "فتح" استؤنفت في دمشق يوم السبت الماضي. وعلى حد علمي فقد جاء ذلك بمبادرة من "حماس". ومحمود عباس أيد هذه المبادرة. أعتقد أن "حماس" بتصرفها هذا تومئ إلى أنها تأخذ بعين الاعتبار النصائح التي كررناها مرارا خلال اللقاءات مع خالد مشعل. وهذه النصائح تدعو إلى تغليب مصالح الشعب الفلسطيني.
سؤال: تم الإعلان عن مقترح لأعضاء الناتو بعقد قمة بين روسيا وهذا الحلف في نوفمبر/تشرين الثاني. ما هي الأمور التي ينوي الحلف التشاور بشأنها مع موسكو؟ وهل يمكن القول ان روسيا والناتو لم يعودا "عدوين افتراضيين" في ما بينهما؟

جواب: أعتقد أننا منذ أمد بعيد لم نعد عدوين. لا يمكن لأحد أن يتصور - حتى في أسوأ الكوابيس - أن تنشب حرب بيننا. الناتو أمر واقع، وروسيا أمر واقع كذلك. كلا هذين الواقعين كائنان في المجال الأوروأطلسي إلى جانب الاتحاد الأوروبي. نحن نتناول بجدية اقتراح عقد قمة بين روسيا والناتو، كما أننا لم نتهرب من أي شكل من أشكال العمل في إطار مجلس روسيا- الناتو. وشاركنا في قمة روسيا- الناتو في أبريل/نيسان من عام 2008. وفي بوخارست جرى نقاش مفيد جدا. لم نحاول الالتفاف على مجلس روسيا - الناتو حتى إبان أزمة القوقاز، والأكثر من ذلك أننا اقترحنا عقد جلسة عاجلة للمجلس، غير أن شركاءنا، ولأسباب غير مفهومة لي بالكامل، تهربوا من هذا الاقتراح بضغط من بعض الأعضاء الرئيسيين في الحلف، وبعد ذلك جمدوا علاقاتهم معنا. لكن مع مرور الوقت أدركوا أنهم ارتكبوا خطأ، واقترحوا استئناف العلاقات. في ديسمبر/كانون الأول من عام 2009 عُقدت جلسة وزارية قمنا بالإعداد لها، وتمخضت عن ثلاث وثائق محددة تتعلق بتطوير التعاون البراغماتي ذي المنفعة المتبادلة، بما في ذلك التعاون في مجال استعراض التحديات المشتركة. وما يميز الوضع الراهن هو أن الناتو يستعد لعقد قمته في لشبونة، حيث سيتم بحث المفهوم الاستراتيجي الجديد للحلف. وعلى هامش هذه القمة يٌقترح عقد اجتماع لمجلس روسيا - الناتو على أرفع مستوى. وخلال حديثنا أثناء اللقاء غير الرسمي لوزراء خارجية روسيا ودول الناتو في نيويورك أوضحنا سعينا نحو فهم أفضل للهدف الذي يرمي إليه هذا المفهوم الاستراتيجي، وكيف يحدد موقف الناتو من روسيا، ومن القانون الدولي. هنالك أصوات - وعددها ليس بالقليل - تنادي بضرورة أن يسجل الناتو في مفهومه الجديد حقه باستخدام القوة في أي منطقة من العالم إذا ما رأى فيها تهديدا له، وذلك دون اللجوء إلى مجلس الأمن الدولي. وهذا يتناقض مع ميثاق الأمم المتحدة ومبدأ سيادة القانون في القضايا الدولية. لذلك نود أن نفهم في أي سياق سيجري لقاء قادة الحلف على مستوى القمة.